اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 492
وللأقربين- وهم القلب- والسر بترك كل مشرب يظهر لهم من المشارب الروحانية والجسمانية بالمعروف من غير إسراف يفضي إلى الإتلاف معرضا عن الشهوات مجتنبا من الرسوم والعادات كما
قال صلى الله عليه وسلم: «بعثت لرفع العادات وترك الشهوات بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» «1»
ومن مكارم الأخلاق أن يجعل المشارب مشربا واحدا والمذاهب مذهبا واحدا.
وكل له سؤل ودين ومذهب ... ووصلكم سؤلي وديني هواكم
وأنتم من الدنيا مرادي وهمتي ... مناي مناكم واختياري رضاكم
حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ من الشرك الخفي ولهذا لم يقل على المسلمين أو المؤمنين لأنهم أهل الظواهر والمتقون هم أهل البواطن كما
قال صلى الله عليه وسلم «التقوى هاهنا» [2] وأشار إلى صدره.
وأحكام الظواهر يحتمل النسخ وأحكام البواطن وهي الحكم والحقائق لا تحتمل النسخ. فحكم الوصية في حق المتقين غير منسوخ أبدا فَمَنْ بَدَّلَهُ فمن غير من الروح والقلب والسر والوصية الصادرة من نفسه الميتة فَإِنَّما إِثْمُهُ عليهم. وسبب هذا التوكيد أن السر والقلب والروح كلهم من العالم الروحاني، وصفاتهم حميدة باقية فترك مشاربها والخروج عنها صعب جدا فَمَنْ خافَ تفرس مِنْ مُوصٍ جَنَفاً في ترك المشارب بأن يبالغ في المجاهدات لنيل المشاهدات أَوْ إِثْماً تجاوزا عن حد الشرع في رفع الطبع فَأَصْلَحَ بينهم بين الروح والبدن والقلب والسر ولكن بنظر شيخ كامل ومرب عارف، فلا حرج على المصلح والله الموفق.